رحال الخبر: قرطبيات..
اللقطة الأولى:
الطب في أسمى معانية بقرطبة...
لعل أجمل وصف للطب وعلو منزلته في الاندلس الاسلامية قبل الف عام ينقلها لنا برسالة مريض فرنسي يصف حالته وعلاجه والمستشفى الذي هو فيه ، إنها قصة من قصص الخيال والتي دهشنا ونحن نسمعها ، خاصة أنها حدثت في القرن العاشر الميلادي
فماذا يقص علينا وبماذا يحدثنا عن حاله في تلك الحقبة.
نص رسالته:
"أبي الحبيب , تسألني إن كنت بحاجة إلى نقود ! فأخبرك بأني عندما أخرج من المستشفى, سأحصل على لباس جديد وخمس قطع ذهبية حتى لا اضطر إلى العمل حال خروجي مباشرة فلست بحاجة إذن إلى أن تبيع بعض ماشيتك ! ولكن عليك بالإسراع في المجيء إذا أردت ان تلقاني هنا. إني الآن في قسم العظام بقرب قاعة الجراحة . وعندما تدخل من البوابة الكبيرة , تعبر القاعة الخارجية الجنوبية وهي مركز العيادات الخارجية حيث أخذوني بعد سقوطي , وحيث يذهب كل مريض أول ما يذهب لكي يعاينه الأطباء المساعدون وطلاب الطب . ومن لا يحتاج منهم إلى معالجة دائمة في المستشفى تُعطى له وصفته فيحصل بموجبها على الدواء من صيدلية الدار.
وأما أنا فلقد سجلوا اسمي هناك بعد المعاينة وعرضوني على رئيس الأطباء.
ثم حملني ممرض إلى قسم الرجال, فحممني حماماً ساخناً والبسني ثياباً نظيفة من المستشفى. وحينما تصل ترى إلى يسارك مكتبة ضخمة وقاعة كبيرة حيث يحاضر الرئيس في الطلاب.
وإذا ما نظرت وراءك يقع نظرك على ممر يؤدي إلى قسم النساء. ولذلك عليك ان تظل سائراً نحو اليمين, فتمر بالقسم الداخلي والقسم الجراحي مروراً عابراً.
فإذا سمعت موسيقى أو غناء ينبعثان من قاعة ما, فادخلها وانظر بداخلها, فلربما كنتُ أنا هناك في قاعة النقاهة حيث تشنف آذاننا الموسيقى الجميلة ونمضي الوقت بالمطالعة المفيدة ...
واليوم صباحاً جاء, كالعادة رئيس الأطباء مع رهط كبير من معاونيه. ولما فحصني, أملى على طبيب القسم شيئاً لم افهمه.
وبعد ذهابه اوضح لي الطبيب, أنه بإمكاني النهوض صباحاً وبوسعي الخروج قريباً من المستشفى صحيح الجسم معافى.
واني والله وكاره هذا الأمر ! فكل شيء هنا جميل للغاية ونظيف جداً :
الأسرّة وثيرة وأغطيتها من الدمقس الأبيض والمُلاء بغاية النعومة والبياض كالحرير, وفي كل غرفة من غرف المستشفى تجد الماء جارياً فيها على أشهى ما يكون, وفي الليالي القارسة تُدفّأ كل الغرف.
واما الطعام فحدث عنه ولا حرج !! فهناك الدجاج أو لحم الماشية يقدم يومياً لكل من بوسعه أن يهضم ان لي جارا ادعى المرض أسبوعا كاملا اكثر مما عليه حقيقة، رغبة منه في التمتع بشرائح قطع الدجاج اللذيذة بضعة ايام اخرى، ولكن رئيس الاطباء شك في الامر ، وأرسله بالامس الى بيته بعد ان اتضح له صحة المريض الجيدة بدليل تمكنه من التهام دجاج كاملة وقطعة كبيرة من الخبز وحده لذلك تعال يا أبتي وأسرع بالمجيء قبل ان تحمر دجاجتي الاخيرة "انتهى" ،
وكان حينها في قرطبة ٥٠ مستشفى، وكان الفرنسيون والبريطانيون يأتون لقرطبة للاستشفاء والطب ولتعلم العلم الحديث ولغة العلم حينها كانت اللغة العربية.
المرجع: كتاب شمس العرب تسطع على الغرب، المستشرقة الألمانية سنغرد هونكه، رابط الكتاب:
https://ia800303.us.archive.org/26/items/tari5001/174.pdf
كتاب شمش العرب تسطع على الغرب
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمعتنا ياجرير المجامع.
وبعد الاستشفاء للجسد لابد للروح من علاج ولاعلاج للرجال اجمل من فتاة غضّة عفيفة جميلة تعيد الروح لقوامها والرجل لرجولته والجسد لعطائه من فتيات قرطبة..
وهنا نأخذكم في لقطة جمالية عن جمال نساء قرطبة:
وخير مانستهل به ذكرهنّ..
ماقيل فيهنّ بالمثل القرطبي الشهير عن نساء قرطبة الفاتنات الشافيات لكل رجل مهموم..
بداية نذكره بالصيغة الاسبانية حيث يقول:
(Si Dios te ama va a casarse con chica de Córdoba)
ومعناه:
(لو كان يحبك الله ستتزوج بنت قرطبية)
وهو مثل اسباني يصف بنات قرطبة المعروفين بالجمال العتيق العربي والقلب الجديد المشرقي الذي امتزج بين البرودة والحرارة لدفئ وتواضع ونظافة شديدة مع تقديس الرجل…
وهذه الاشياء نادر ما تراها في مناطق اخرى من مدن اسبانيا النصرانية وماحولها فمنطقة الاندلس لا تزال تحتفظ بروحها العربية بآثار اسلامية.
ولعل السبب في انتشار الجمال في قرطبة، هو تجمع اجمل نساء العالم لدى خلافة بني امية في قرطبة واختلاطهم مع الدم العربي وحينها ظهرت هذه الخلطة الساحرة لنساء قرطبة.
لذلك هناك مشافي للجسد وللروح لاتجدها في ارتحالك سوى في قرطبة لكن للأسف لم يبقى من تلك الامور غير الذكريات..